حراك المرأة السعودية نحو الوظائف- فرص وتحديات التنمية

المؤلف: عقل العقل11.02.2025
حراك المرأة السعودية نحو الوظائف- فرص وتحديات التنمية

في ظلّ دولة تتبنى القوانين والتشريعات التي تعزز مكانة المرأة في مجتمعنا، لم يعد انتقال المرأة من مختلف المناطق، سواء كانت مدنًا أو قرى، إلى المدن الكبرى بحثًا عن فرص العمل أو لمتابعة التعليم أمرًا مستغربًا. هذا التنقل بين المناطق ينعكس إيجابًا على المجتمع بأكمله، سواء من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية. هذا المسعى، الذي كان في الماضي حكرًا على الرجال، نراه اليوم متاحًا للجميع. نتذكر جميعًا رغبة المعلمين وغيرهم من الموظفين في العمل في مناطقهم الأصلية، وكيف تم استخدام العلاقات والنفوذ لتحقيق هذه الغاية. ولكن أعتقد أن تلك المرحلة قد ولت بلا رجعة، وأصبح الجميع، رجالًا ونساءً، يبحثون عن فرص عمل في جميع أنحاء الوطن. في الماضي، كانت الشركات العملاقة مثل أرامكو وسابك تعتبر مراكز جذب رئيسية، وقد ساهمت هذه التجمعات الاقتصادية الضخمة في جذب الأفراد من جميع أنحاء البلاد، وهي نقطة تحسب لها.

أحد المغردين كتب منذ فترة قصيرة تغريدة مؤثرة عبارة عن قصيدة تعبر عن الشوق والحب والفقد لابنته التي سافرت إلى العاصمة الرياض لإجراء مقابلة عمل. يبدو أنها حصلت على الوظيفة وبدأت العمل في الرياض. من حق الأب وغيره أن يتمنوا أن يجد أبناؤهم وظائف في مناطقهم، ولكن في ظل رؤية المملكة للتنويع الاقتصادي وتشجيع القطاع الخاص على التوظيف وتقليل الاعتماد على الوظائف الحكومية، يضطر الباحثون عن العمل إلى التوجه إلى المناطق الاقتصادية أو المدن الكبرى التي تتركز فيها المشاريع الضخمة. هذا الشكل الجديد من الحركة، على الرغم من أن أهدافه ودوافعه اقتصادية، إلا أن أنماطه الاجتماعية تفرض تغييرات كبيرة في المجتمع يجب علينا تقبلها وتشجيعها. يجب أن يكون للإنسان المتعلم، سواء كان رجلاً أو امرأة، الحق في المشاركة في مجالات التنمية الشاملة. فمن غير المنطقي أن نجد الآلاف من النساء المؤهلات بأعلى الشهادات التعليمية، ومع ذلك يصر البعض على إبقائهن في وظائف متواضعة أو بدون عمل بحجة البقاء في مناطقهم.

ربما كانت هذه الطريقة في التعامل مع هذه القضايا مقبولة في الماضي، عندما كان يُنظر إلى دور المرأة على أنه محصور في وظائف معينة أو أنه لا أهمية لعملها. ولكن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تتغير وتفرض أحكامها على جميع المجتمعات. اليوم، تم تهيئة جميع الظروف التشريعية والإدارية للمرأة حتى تتمكن من البحث عن عمل والانتقال إلى أي مكان في الوطن، وأن تعمل في أغلب المجالات جنبًا إلى جنب مع أخيها الرجل. فالمرأة لديها سيارتها ويمكنها الانتقال إلى مدينة أخرى بحثًا عن وظيفة، ويمكنها استئجار سكن أو شراء منزل، وقد تلاشت جميع العوائق التي كانت تعيقها في الماضي. وكل هذا بفضل الرؤية الحكيمة للقيادة في الاستثمار في العنصر البشري في وطننا من خلال فرص التعليم المتنوعة في الداخل ومن خلال برامج الابتعاث التي مكنت المرأة في هذه البرامج، ومن ثم العمل في جميع المجالات وفي أغلب المشاريع الاقتصادية الحكومية والخاصة. بالتأكيد، حنان الأبوة والأمومة غريزة إنسانية أصيلة، ولكن الحياة علمتنا أن العواطف جميلة ولكنها ليست دائمًا واقعية. فكم من النساء الآن في مواقع قيادية أو في وظائف متواضعة، ولكنهن جميعًا يتمتعن بالثقة والاستقلالية في حياتهن.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة